Question

الغلوُّ ذريعةُ الانِتقاص بحر المتقارب ١إذا ما وَصَفْتَ امرأً لامرئٍفَلا تَغْلُ في وَصْفِه واقصِدِ٢فإنَّك إن تغلُ تغلُ الظُّنونُ فيهِ إلى الأمَدِ الأبعدِ٣فينقُصُ مِن حيثُ عَظَّمتَهلفَضلِ المغيبِ على المشهدِ إذا ما وَصَفْتَ امرأً لامرىءٍ .. فَلا تَغْلُ في وَصْفِه واقصِدِ إذا وصفت امرأً غائبا فلا تبالغ في الثناء عليه، وعليك بالتوسط والاعتدال في ذلك، لأن زيادة الثناء تأتي بنقيض المقصود كما سيتبين. فإنَّك إن تغلُ تغلُ الظُّنو .. نُ فيهِ إلى الأمَدِ الأَبعدِ إنك إن غلوت فيه غَلَت الظنون البشرية وجنحت التوهمات النفسية فيه إلى مدى بعيدٍ يتجاوز حقيقتَه، فإذا حضر وشوهِدَ طفقت النفوس تطالبه بما هو خارجٌ عن طاقَتِه، فكان ذلك المدح وبالا عليه، فالمدح الزائد يبطل سحر الدهشة، ويجعلك تتطلب المزيد مهما كانت حقيقة الممدوح، وإذا تكلم المرء بما يحسن دون أن تثار حوله جعجعة مديح مسبقة؛ انتزع الإعجاب وأثار الانبهار. فينقُصُ مِن حيث عَظَّمْتَه .. لفَضلِ المغيبِ على المشهدِ فَيَحْصُل خلافَ مقصودِكَ، وينقص قدره من جهة تعظيمك إياه، وذلك لأن الخبر عن الغائب يكون فوق حقيقة الحالِ في العادة. ولهذا المعنى يتحاشى كثيرٌ من الأذكياءِ أن يأخذَ الناسُ عنه انطباعا كاذِبا ولو كان مَدحا، وذلك لمعرفته العميقة أن النَّاس بِقَدْرِ ما يرفعون المرءَ فوق مرتَبته، فإنهم إذا لم يجدوا في الواقع ما يصدِّق تلك الانطباعات المتوهَّمة فإنهم يقفزون فورا إلى الشطّ الآخر، ويبالغون في خَفْضه وحَطِّه حتى عن مَرْتبته الحقيقيَّة، فَبِقَدر الارتفاع الكاذب يكون الإسقاطُ الجائر، وقد أشار إلى هذا المعنى الدقيق أبو عبد الله ابن القيم -رحمه الله- فذكر أن (مِنَ المدحِ ما يكون ذَما وموجِبا لسقوط مرتبة الممدوح عند الناس، فإنه يُـمْدَح بما ليس فيه فتطالبه النفوس بما مُدح به، وتظنُّه عندَه، فلا تجده كذلك فتنقلب ذَمّا، ولو تُرِك بغير مدحٍ لم تحصُلْ له هذه المفسدة).

Accepted Answer

قال ابن الرومي (٢٨٣) ١ إذا ما وَصَفْتَ امرأً ...٢ ...٣ ... https://archive.org/download/pmokhtart/PMokhtart_006.pdf علي بن العباس بن جريج الرومي، شاعر كبير هَجَّاء، من طبقة المتنبي موهبةً، روميُّ الأصل، كان جدُّه من موالي بني العباس، وًلد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموما، قيل: دس له السمَّ القاسم بن عبيد الله (وزير المعتضد)، وكان ابن الرومي قد هَجاه، وقال ابن خلكان: صاحب النظم العجيب والتوليد الغريب، يغوص على المعاني النادرة فيستخرجها من مكامنها، ويبرزها في أحسن صورة، ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره، ولا يبقي فيه بقية. وأبرع ما اشتهر به ابن الرومي الوصف، وكان يغالي فيه العقاد ويقول: لست أعرف فيمن قرأت لهم من مشارقة ومغاربة أو يونان أقدمين وأوربيين محدثين شاعرا واحدا له من الملكة المطبوعة في التصوير مثل ما كان لابن الرومي. ومن أشهر شعره داليَّتُه في رثاء ولده محمد. قيل -في قصة موته-: إن القاسم بن عبيد الله الوزير كان يخاف من هجو ابن الرومي، فدس عليه طعاما مسموما فأحس بالسم، فوثب، فقال الوزير: إلى أين؟ قال: إلى موضعٍ بعثتني إليه. قال: سلِّمْ على أبي. قال: ما طريقي على النار! فبقي بعدها أياما، ومات. كتبت عنه بعض الدراسات المعاصرة نحو كتاب "ابن الرومي حياتُه من شِعره" لعباس محمود العقاد.

في ما من إلى ابن على فيه الرومي