من ابن نارٌ ما في الرومي كان فقال

٢ ...

الروية: إشباع الرأي والقول وطول النظر فيه. وبديهة القول: ما كان من غير طول تأمل. يقال للرجل إذ وصف بسرعة الإصابة في الرأي بديهته كرويَّة غيره.

 

يقول: قد يفضل أقوام نتاج البديهة لعاجِلها، لكن بسبب العجلة لا يكون لما يقولونه أو ينتجونه أثرا باقيا، وإنما هو يمضي وينطفئ مع هبوب الريح بخلاف نار الرويّة فإنها تدومُ، وتترك أثرا باقيا.

وقد كثرت مقارنات الشعراء وغيرهم بين الروية والبديهة، فقال الحطيئة:

فهذا بديه لا كتحبير قائل .. إذا ما أراد القول زوّره شهرا!

واجتمع مرةً ابن مناذر وأبو العتاهية، فقال أبو العتاهية: كم بيتا تقول في اليوم؟ قال: مقدار عشرة أبيات. فقال أبو
العتاهية: فأنا أقول مائتين. فقال: فإنك تقبل من شيطانك نحو: 

وقال ابن خلكان: صاحب النظم العجيب والتوليد الغريب، يغوص على المعاني النادرة فيستخرجها من مكامنها، ويبرزها في أحسن صورة، ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره، ولا يبقي فيه بقية. وأبرع ما اشتهر به ابن الرومي الوصف، وكان يغالي فيه العقاد ويقول: لست أعرف فيمن قرأت لهم من مشارقة ومغاربة أو يونان أقدمين وأوربيين محدثين شاعرا واحدا له من الملكة المطبوعة في التصوير مثل ما كان لابن الرومي. ومن أشهر شعره داليَّتُه في رثاء ولده محمد. 

قيل -في قصة موته-: إن القاسم بن عبيد الله الوزير كان يخاف من هجو ابن الرومي، فدس عليه طعاما مسموما فأحس بالسم، فوثب، فقال الوزير: إلى أين؟ قال: إلى موضعٍ بعثتني إليه. قال: سلِّمْ على أبي. قال: ما طريقي على النار! فبقي بعدها أياما، ومات. كتبت عنه بعض الدراسات المعاصرة نحو كتاب "ابن الرومي حياتُه من شِعره" لعباس محمود العقاد.